د/ صلاح سلام يكتب: التأمين الصحي الشامل وقضية التعليم الطبي
عندما قمنا بالدعوة لورشة عمل في المجلس القومي لحقوق الانسان ٢٠١٨ عندما كنت عضوا فيه لمناقشة الصيغة النهائية لقانون التأمين الصحي الشامل بحضور لجنة القانون كاملة وعلى رأسها وزير المالية الحالي د.محمد معيط وكان وقتها نائبا للوزير ودعوت كل النقابات والخبراء لابداء الرأي في القانون وبحضور رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب وبعض من اللجنة، كان الهدف تمرير القانون الذي ظل في أدراج المجالس المتعاقبة لعقود.
والخطة التي وضعها الخبير الاكتواري أن يتم التطبيق على مراحل وتكتمل في ٢٠٣٠، وبدأ التطبيق بالفعل مع الوزيرة د.هالة زايد للمرحلة الأولى وهي مدن القناة والاقصر وجنوب سيناء لصعوبة التطبيق في الشمال وقتها واضافوا اسوان مؤخرا، وللأسف مازالت هيئة الرعاية الصحية المنبثقة من القانون والتي تنعم بميزانية غير مسبوقة من حصيلة الاشتراكات والرسوم التي فرضها القانون والتي ذكرها وزير المالية بصفته رئيس هيئة التمويل كما نص القانون، ومع ذلك مر أكثر من ٤ سنوات ولم يتخطى التأمين حاجز ال٤ مليون مواطن وهذا معناه اننا نحتاج إلى ٩٦ سنة لتطبيق القانون على باقي الجمهورية، ناهيك عن أن الطبيب في المناطق المطبق بها القانون يتقاضى ٥ أضعاف زميله في باقي محافظات الجمهورية، ولذلك تركوا العمل واستقال اكثر من خمس الاف طبيب في السنوات الثلاث الأخيرة وهاجروا إلى بلاد الله الواسعة.
هذا في الوقت الذي توجد في هذا الوطن هيئة قديمة للتأمين الصحي يقع تحت مظلتها ٦٠ مليون مواطن وبميزانية لاتتعدى ثلث تلك الممنوحة للهيئة الجديدة ...هل هذا منطق؟، أليس من الحكمة ضم الهيئتين الان فورا وضم الموازنتين ورفع كفاءة القديم خلال سنتين مثلا ثم اضافة باقي الجمهورية في الخمس سنوات المتبقية ووقتها يمكن ضم حوالي ١٥ مليار جنيه أخرى تصرف سنويا في العلاج على نفقة الدولة لأننا وقتها لن نكون في حاجة اليه، اما عن التعليم الطبي وهجرة الأطباء والاجور المتدنية وعدم توفير البيئة الآمنة لعمل الفريق الطبي حيث نسمع من أن لآخر تهجم الجمهور عليهم واحداث إصابات اوتلفيات...لايحتاج من الدولة ميزانية فيمكن اصدار تشريع قوي مثلما هو موجود في دول الخليج مثلا...وكذلك قانون المسئولية الطبية والذي يحدد العلاقة بين الطبيب والمريض، فلاتوجد دولة في العالم تحبس الطبيب في قضايا مهنية إلا نحن حتى السعودية تخلصت من هذا من خلال شركات التأمين كما هو في كل دول العالم البسيطة قبل المتحضرة فالقانون موجود في ليبيا واليمن وعمان وتونس مثلا ولا أقول انجلترا وامريكا.
وبعد كل ماسبق أظن الإجابة واضحة لسؤال ..لماذا يهاجر الاطباء؟ علما بأن هناك عجز في وزارة الصحة فقط حوالي ٥٠ ألف طبيب وأعتقد أنه آن الأوان لمد الخدمة للاطباء لسن ال٦٥ على الاقل لسد الفجوة و العمل على اصدار القوانين السابق ذكرها، واعادة النظر في التعليم الطبي ليتحول إلى شهادة اكلينيكية موحدة كالزمالة او البورد لكل التخصصات وقصر الماجستير والدكتوراه على المسار الأكاديمي داخل الجامعات وضم المستشفيات الجامعية إلى مستشفيات هيئة الرعاية الصحية للتأمين الطبي الشامل ..ولا اعرف سببا مقنعا لفصلها فجميع مستشفيات الدولة يجب أن تكون خاضعة لنظام واحد من خلال قانون واحد وهو التأمين الصحي الشامل كما في انجلترا والمانيا وامريكا والعالم كله.
أما النظام الجديد لكليات الطب والذي دمج المناهج في ٥ سنوات وسنتين تدريب بدل من سنة واحدة فيحتاج إلى إعادة نظر لأنه لايجوز الغاء اجزاء من المناهج لضيق الوقت ولتكن السنوات ممتدة أي الدراسة لمدة ١١ شهر وشهر اجازة فقط لتحقيق الهدف فمن غير المعقول أن تنخفض الدراسة من ٦٤ شهر في زمن دراستنا إلى ٥٥ شهر ثم الى٤٨ شهر لزيادة فترة التدريب أو " الامتياز".
هذه بعض القضايا التي تم طرح بعضها على الحوار الوطني والباقي من المؤكد إنه سوف يطرح في جلسات قادمة.